للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) و (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) ويكون ما قالوا، (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا) ويكون بما حرموا من أشياء على أنفسهم فأضافوا ذلك إلى اللَّه، ونحو ذلك من الافتراء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ).

اختلف فيه: قال الحسن: إن من أطاع اللَّه في أمره ونهيه، وأطاع رسله، فقد كتبت له الجنة خالدًا فيها أبدًا، فذلك نصيبه وحظه من الكتاب الذي كتب له، ومن عصى

اللَّه وخالف رسله، كتبت له النار خالدا فيها أبدًا، فهو نصيبه من الكتاب.

وقال أبو بكر الكيساني:

في قوله: (أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ)، أي: حظهم من الخير والعقاب في الآخرة، وهو قول الْقُتَبِيّ ويحتمل وجهين آخرين غير هذين:

أحدهما: ما حرفوا من الكتب وغيروها، ثم أضافوا ذلك ونسبوه إلى اللَّه؛ كقوله: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وقوله - عز وجل -: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)، فصار ما حرفوا هم وغيروه سنة فيهم يعملون بها إلى يوم القيامة، فينالون هم جزاء ذلك يوم القيامة. والثاني: قوله: (يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ) مما كتب لهم من الرزق والنعمة، يستوفون ذلك المكتوب لهم، ثم يموتون.

ثم قوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ).

على هذا التأويل جاءتهم الرسل بقبض أرواحهم، وهو ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>