للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى ذلك؛ وأعدها لهم في الآخرة ترغيبًا منه لهم في ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ)، قال الحسن وغيره: هدانا: دلنا لهذا.

(وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ).

وأما عندنا: ليس هو هداية الدلالة والبيان؛ ولكن الهداية التي أكرمهم اللَّه بها بفضله ولطفه، وهي توفيقه إياهم إلى الهدى؛ لأنه خرج مخرج الامتنان والفضل، ولو كان دلالة وبيانًا لكان لا معنى لتلك المنة وذلك الفضل؛ لأن عليه الدلالة والبيان.

والثاني: أنه لو كان على الدلالة والبيان لكان ذلك على كل أحد: على الرسل وغيرهم؛ لأن عليهم البيان والدلالة، فدل أنه ليس على الدلالة والبيان، ولكن غيره.

والثالث: أنه لا أحد عند نفسه أنه يزيغ ويضل وقت ما هداه اللَّه ووفقه. وقد يجوز أن يكون ذلك في الدلالة والبيان؛ دلّ أنه لم يحتمل ما قال أُولَئِكَ من الدلالة والبيان، واللَّه الموفق.

وقال بعض الناس: إن المعتزلة خالفوا اللَّه عما أخبر، وخالفوا الرسل عما أخبروا عن اللَّه تعالى، وخالفوا أهل الجنة والنار، وخالفوا إبليس:

أما مخالفتهم اللَّه فقوله: (وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) ونحوه.

أما مخالفتهم الرسل فقوله: (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ ... ) الآية، وقول أهل النار قالوا: (لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ)، وقول إبليس: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي): هو أعلم باللَّه من المعتزلة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ).

يحتمل وجوهًا: يحتمل جاءوا بالحق، أي: بالدِّين الذي هو حق، أو جاءوا بالأعمال التي من عمل بها كان صوابًا ورشدًا، وكل حق هو صواب ورشد، ويحتمل جاءت رسل ربنا بالحق، أي: بالصدق ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>