للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجارحة، ومن فهم ذلك فإنما يفهم لفساد في اعتقاده.

وكذلك ما ذكر من الاستواء على العرش، والاستواء إلى السماء، لا يفهم منه ما يفهم من استواء الخلق؛ لأنه بريء عن جميع مشابه الخلق، ومعانيهم، وهو ما وصف حيث قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: يرسل الرياح - نَشْرًا - نَشَرًا - بُشْرى - والنشر: هو من جمع نشور، وهو من الإحياء، ونشرًا من التفريق، وبشْرى بالباء -: من البشارة، ثم قيل في قوله: " نشرًا " اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هو الذي يفرق ويسوق ذلك السحاب.

وقيل: الريح هو الذي يرسل، ويسوق ذلك السحاب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا) قيل: أقلت: حملت. وقيل: رفعت الماء، وهو واحد، ثقالًا مما فيه من الماء (سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) إلى بلد ميت، (فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ) أي: البلد.

(فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: من كل الثمرات ما يشاهدون من الثمرات.

كذلك يخرج الموتى بعد ما ماتوا وذهب أثرهم كما أخرج النبات والثمار من الأرض والنخل من بعد ما ماتوا وذهب أثر ذلك النبات وذلك الثمار، فعلى ذلك يخرج الموتى بعد ما ذهب أثرهم حتى لم يبق شيء.

(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ): وتتفكرون وتعرفون قدرته وسلطانه على الإحياء بعد الموت، أو تذكرون، أي: تتعظون.

وبعد، فإن إعادة الشيء في عقول الخلق أهون وأيسر من ابتداء الإنشاء.

ألا ترى أن الدهرية والثنوية وهَؤُلَاءِ قد أنكروا الإنشاء لا من شيء، ورأوا وجود الأشياء وخروجها وإعادتها عن أصل وكيان وهو ما ذكر.

(وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)، أي: في عقولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>