للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: (سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ): جهنم، وأمكن أن يكون الخطاب للفسقة، سأريكم يا أهل الفسق دار الفاسقين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ... (١٤٦)

يخرج هذا على وجهين:

أحدهما: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ) أي: سأصرفهم عن قبولها وتصديقها؛ إذ لم يستقبلوها بالتعظيم لها، بل استهزءوا بها واستخفوا بها على علم منهم أنها آيات من الله وحجة.

والثاني: سأصرف عن وجود الطعن والقدح فيها والكيد لها، ثم إن كل واحد من هذين الوجهين يتوجه على وجهين:

قال الحسن: إن للكفر حدًّا إذا بلغ الكافر ذلك الحد يطبع عليه، فلا يقبل ولا يصدق آياته بعد ذلك.

والثاني: أنهم كانوا يتعنتون في آياته ويكابرون في ردها مع علمهم أنها آيات وحجج من اللَّه، فإذا تعانتوا صرفهم عن قبولها وتصديقها، وهو كقوله تعالى: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)، وقوله: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم)، أي: خلق منهم فعل الزيغ وفعل الانصراف، وهكذا كل من يختار عداوة اللَّه، فاللَّه لا يختار له ولايته، ولكن يختار له ما اختار هو.

وأما قوله: (سَأَصْرِفُ) عن وجود الطعن فيها والقدح؛ وذلك أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - جعل للرسل والأنبياء أضدادًا من كبراء الكفرة وعظمائهم، وكانوا يطعنون في الآيات، ويقدحون فيها، فأخبر أنه يصرفهم عن وجود الطعن فيها والقدح والكيد لها، أي: لا يجدون فيها مطعنًا ولا قدحًا.

والثاني: قوله: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ) الهلاك والإبطال، بل هم المهلكون والآيات هي الباقية، ثم اختلف في الآيات:

<<  <  ج: ص:  >  >>