قال بعض أهل التأويل: قوله: (لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا): الهدى والضلالة.
وقال قائلون من أهل التأويل: لا أملك جرَّ النفع إلى نفسي ولا دفع الضر عنها (إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ)، أي: إلا إن أقدرني اللَّه على ذلك فأملك ذلك.
ويشبه أن يكون قوله:(لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا) قال ذلك؛ لئلا يتخذوه معبودًا، لا ينسبوه إلى اللَّه بالذي لا يليق النسبة به أنحو، ما قالت النصارى:(الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ)، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ)، وقال مشركو العرب: الملائكة بنات اللَّه؛ لعظيم ما وقع عندهم من محل هَؤُلَاءِ وقدرهم، فقال:(لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا)؛ لئلا ينسبوه إلى اللَّه من الوجه الذي نسب أُولَئِكَ، أظهر من نفسه العجز والعبادة، وهو ما قال عيسى صلوات اللَّه عليه حيث قال:(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ. . .) الآية.
وقال ابن عَبَّاسٍ في قوله:(قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا): وذلك أن أهل مكة قالوا: ألا يخبرك ربك يا مُحَمَّد بالتجارة المربحة فتتجر فيها فتربح، أو لا يخبرك بسنة القحط والجدوبة، أو يخبرك بوقت السعة والخصب؟! فقال عند ذلك:(وَلَو كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ) من جدوبة الأرض والقحط؛ (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) يقول: لتهيأت لذلك (وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) من الضر والشدة؛ إلى هذا ذهب عامة أهل التأويل.
وقالوا في قوله:(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ومن العمل الصالح.
ولكن الوجه فيه غير ما ذهبوا إليه؛ لأنه إن كان لا يعلم متى يموت؟ لا يستكثر من