للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي عن عبد اللَّه بن الزبير قال: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) قال: ما أنزل اللَّه هذه الآية إلا في أخلاق الناس.

وعن قتادة: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) قال: خلق حسن أمر اللَّه به نبيه ودعاه إليه.

إلى هذا ذهب بعض أهل التأويل، وإلى ذلك صرف تأويل الآية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو أخذ الفضل من المال على ما ذكرنا؛ فهو منسوخ بآية الزكاة.

وروي في حرف ابن مسعود وأبي: (خذ العفو وأمر بالعرف وانه عن المنكر وأعرض عن الجاهلين).

وفيه دلالة أنه أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والمعروف: هو اسم كل خير، وأمره بأن يأخذ بالعفو عن الظلمة، على ما ذكرنا، وعلى ذلك روي عن عائشة قالت: كان رجل يشتم رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ويؤذيه، فدخل على رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فأوسع له، وأدناه، ورحب به؛ قالت: فقلت: يا رسول اللَّه، أليس هذا كان يشتمك؟ قال: " بلى يا عائشة؛ إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء شرورهم وألسنتهم " إلى مثل هذا دعى رسول اللَّه بالعفو والصفح عن الظلمة وترك المكافأة.

وقوله: (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) أي: مر الناس بالعرف، وهو ما تشهد خلقتك وتأمرك به أشياء ثلاثة، اثنان فيما بينه وبين ربه، والواحد فيما بينه وبين الناس؛ أما الاثنان اللذان فيما بينه وبين ربه:

أحدهما: تأمر خلقته، وتشهد على وحدانية اللَّه، والدلالة على ألوهيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>