للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ).

المغانم التي رزقهم وأحل لهم.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ).

جعل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - هذه الأمة وسطًا عدلًا بقوله: (جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)؛ فكأنه قال: يا أيها الذين آمنوا قد جعلكم اللَّه أمناء عدلا وسطًا، فلا تخونوا اللَّه فيه؛ كقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ. . .) الآية، وقال: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، وقال. (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. . .)، أخبر أنه ألزمهم الأمانة - أعني: البشر - دون ما ذكر من الخلائق فمنهم من ضيّع تلك الأمانة؛ من نحو المنافقين والمشركين، وخانوا فيها، فلحقهم الوعيد بالتضييع، وهو قوله: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ. . .) الآية، فكأنه قال: يَا أَيُّهَا الذين آمنوا، قد قبلتم أمانة اللَّه فلا تضيعوها، ولا تخونوا فيها؛ كما قال: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)، وغيرها من الآيات التي فيها ذكر الأمانات، نهاهم أن يخونوا فيها، فيكونون كأنهم خانوا أمانتهم.

ويحتمل قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)، إن أنفسكم وأموالكم لله، وهي عندكم أمانة استحفظكم فيها، فلا تستعملوها في غير ما أذن لكم؛ لأن من استحفظ أحدًا في شيء ووضع عنده أمانة، فاستعملها في غير ما أذن له - صار خائنا فيها ضامنًا؛ فعلى ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>