للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإهلاك والاستئصال؛ حيث قال: (فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ. . .) الآية.

ويحتمل قوله: (فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) في الآخرة بكفرهم بآيات اللَّه في الدنيا؛ ذكر في إحدى الآيتين العذاب في الآخرة، وفي الآية الأخرى الإهلاك في الدنيا؛ لأنه ذكر في الآية الأولى الكفر بآيات اللَّه، ولم يبين ذلك، وذكر في الآية الأخرى التكذيب بآياته، فبين اللَّه أن الكفر بآياته هو تكذيبها، والتكذيب إنما يكون في الأخبار، وكذلك التصديق.

وفيه دلالة أن الإيمان هو التصديق؛ لأنه جعل مقابله وضده التكذيب.

وفيه أن الإيمان ليس هو المعرفة؛ لأن مقابلها الجهل باللَّه، ليس هو التكذيب، لكن بالمعرفة يكون التصديق، وبالجهل يكون التكذيب.

* * *

قوله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (٥٨) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (٥٩) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٦٠) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) ذكر هاهنا شر الدواب عند اللَّه الذين لا يؤمنون وذكر، في آية أخرى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)، هم شر الدواب؛ حيث سمعوا الآيات والحق وعقلوها فلم يؤمنوا بها، أي: لم ينتفعوا بما عقلوا مما وقع في مسامعهم، ومما درسوا كمن لا سمع له ولا لسان، نفى عنهم ذلك؛ لما لم ينتفعوا بما عقلوا.

ويحتمل أن يكون في الآخرة، أي: يبعثون يوم القيامة صمًّا بكمًا عميًا؛ لما لم ينتفعوا في الدنيا بهذه الحواس؛ كقوله: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا. . .) الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>