للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: المودة والمحبة، أي: لا تودوهم ولا تحبوهم.

والثاني: ألا نتخذهم موضع سرنا وبطانتنا؛ كقوله: (لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً. . .) الآية.

والثالث: ولاية الطاعة لهم، أي: لا تطيعوهم؛ كقوله: (إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ) الآية، وقوله: (إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ)، نهانا أن نحبهم ونودهم، ونهانا -أيضًا- أن نتخذهم موضع سرنا، ونفشي إليهم سرائرنا، ونهانا أن نطيعهم فيما يدعوننا إليه ويسرون - والله أعلم - للخلاف الذي بيننا وبينهم في الدِّين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ).

أي: اختاروا الكفر على الإيمان، والمحبة - هاهنا - محبة الاختيار والإيثار.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا ... (٢٤) هو مقابل قوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ)، إلى آخره.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ) وما ذكر، أي: إن كان طاعة هَؤُلَاءِ ورضاهم أححت إليكم من طاعة اللَّه وطاعة رسوله ورضاه، وأحب من جهاد في سبيله (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ): هو حرف وعيد، أي: انتظروا (حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)، أي: بعذابه.

وقال أهل التأويل: حتى يأتي بأمره في فتح مكة.

ودل ما ذكر في قوله: (إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ) على أن المراد من قوله: (لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ) الآباء والأبناء جميعًا، (وَإِخْوَانَكُمْ) الإخوان، وجميع المتصلين بهم؛ دليله ما ذكر في آخره؛ حيث قال: (إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ)، ذكر الأبناء والأزواج والعشيرة، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا). قَالَ بَعْضُهُمْ: اكتسبتموها.

وقال أبو بكر الأصم: (وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا)، أي: أموال جعلوها حلالًا وحرامًا، ويقولون: اللَّه أذن لنا في ذلك؛ كقوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>