للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، يقال ذلك، لسعة الأرض في أوهام الخلق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦) قَالَ بَعْضُهُمْ: السكينة: الملائكة؛ كقوله: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ. . .) الآية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ)، أي: نصرته.

وقيل: وقاره.

وقيل: رحمته.

وقيل: طمأنينته.

وأصله: سكنت قلوبهم واطمأنت بعد شدة الخوف والحزن بأي وجه ما، تسكن بالملائكة أو بغيرها، فأسكن قلب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لما اشتد عليه رجوع أصحابه ومفارقتهم إياه (وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا): وهم الملائكة، (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا): بالقتال والهزيمة، وذلك جزاؤهم.

وفي قوله: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنه سماهم مؤمنين بعد ما كان منهم التولي، والتولي لم يخرجهم من الإيمان على ما قالوا.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: النهي عن دخول المسجد الحرام نفسه.

وعندنا أن النهي عن دخول المسجد الحرام نهي عن دخول مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>