للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسها للحج وإقامة العبادات؛ دليله وجوه: أحدها: قوله: (بَعْدَ عَامِهِم هَذَا) ولو كان لدخول المسجد، لكان ذلك العام أحق عن المنع في دخوله من غيره.

والثاني: قوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ).

والثالث: قوله: " ألا لا يحجن بعد العام مشرك ". وفي آخر الآية دلالة ذلك؛ لأنه قال:، (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) وخوف العيلة إنما يكون عن دخول مكة؛ لأنه لو كان النهي عن دخول المسجد نفسه، لكان لا خوف عليهم في ذلك؛ لأنهم يحضرون ويدخلون مكة للتجارة، فلا خوف عليهم في ذلك.

أو أن يقال: إنه ذكر المسجد الحرام؛ لما أنهم كانوا يقصدون البيت والحج به، فيكون النهي عن دخول المسجد نهيًا عن الحج نفسه، وهو ما روي في الخبر أنه بعث عليًّا في الموسم بأربع، وأمره أن ينادي في الناس ألا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ومن كان بينه وبين رسول اللَّه عهد فاجله إلى مدته، فإذا مضت مدته فإن اللَّه بريء من المشركين ورسوله، ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يحج بعد العام مشرك.

فالنهي الذي ورد عن دخول المسجد إنما هو نهي عن الحج نفسه؛ لأن البيت هو الذي يقصد إليه فيه.

ألا ترى أنه قال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ. . .) الآية، وقال: (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ. . .) الآية، وقال: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، ذكر البيت، وهو المقصود بالحج في الإسلام والكفر جميعًا؛ فعلى ذلك خرج النهي، لكنه ذكر المسجد؛ لما أن البيت فيه.

فإذا كان ما ذكرنا: فإن شئت فاجعل آخر الآية تفسير أولها، وهو قوله: (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، وهو ما ذكرنا أن النهي لو كان لدخول المسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>