للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّه؟! "، حتى سكن قلب أبي بكر من الحزن والخوف على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: أنزل السكينة على رسول اللَّه؛ فهو يخرج على وجهين:

أحدهما: أنه أنزل السكينة عليه حتى رأى هو جنودًا لم يروها هم؛ حيث قال: (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا).

والثاني: أنزل سكينته بالحجج والبراهين، لكنه إن كان ما ذكر، فهو قد أنزل السكينة عليه في البدء؛ لأنه كان رسول اللَّه لا يخاف سوى اللَّه، ويعلم أنه ينصره، وكذلك روي عن ابن عَبَّاسٍ قال: فأنزل اللَّه، سكينته على أبي بكر؛ لأن النبي لم تزل السكينة معه؛ وهو أشبه.

وقوله: (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا).

يحتمل: في ذلك الوقت.

ويحتمل: في الغزوات التي نصره بالملائكة يوم بدر وغيره؛ يخبر أنه قادر أن ينصره لا بالبشر؛ ليعلموا أنه إنما يأمرهم بالنصر، لا لنصر رسول اللَّه، ولكن ليكتسبوا بذلك ما ذكرنا من الثواب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا).

يحتمل (كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا): وهو ما مكروا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وهموا بقتله جعل مكرهم ومكيدتهم واجتماعهم على ذلك هي السفلى وكلمة اللَّه هي العليا.

أي: مكر اللَّه بهم، ونصرة رسوله هي العليا؛ كقوله: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .) الآية.

ويحتمل قوله؛ (كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا): دينهم الذي يدينون به، ومذهبهم الذي ينتحلونه.

(السُّفْلَى)، أي: جعل ذلك السفلى بالحجج، وجعل دين مُحَمَّد هو العليا بالحجج والبراهين على ذلك ما كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>