للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أتي بصدقة، فبعثها إلى أهل بيت واحد.

هَؤُلَاءِ نجباء الصحابة استجازوا وضع الصدقة في صنف واحد، ولو كان حق كل صدقة أن تقسم بين هَؤُلَاءِ الأصناف الذين ذكر بالسوية على ما قال القوم، لكان قال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: إنما الصدقات بين الفقراء وبين من معهم من الأصناف، كما يقال: الميراث لقرابة فلان، أي: ليس للأجنبيين في ذلك حق، ولا يقال: الميراث بين قرابة فلان؛ لأن لكل في ذلك حقا؛ لأن حرف " بين " يقتضي التسوية بجميعهم، وقوله: " لهم " يقتضي أنه لا حق فيه لغيرهم.

ألا ترى أنه يقال: الخلافة لولد العباس، يراد أنه لا حظ فيها لغيرهم، والسقاية لبني هاشم، ونحوه، ليس يراد ذلك بينهم بالتسوية، وإنما يراد ذلك أن لا حق لغيرهم فيها؟!

وبعد، فإنه لو كان في الآية: إنما الصدقات بين الفقراء وبين من ذكر معهم، لكان لا يجب قسمة كل صدقة بين هَؤُلَاءِ الأصناف المذكورة في الآية؛ لأنه ليس للصدقات انقطاع، بل لها مداد إذا دفع صدقة واحدة إلى صنف واحد، فإذا أتى بصدقة أخرى دفع إلى صنف آخر، هكذا يعمل في الأصناف كلها.

وبعد، فإنه لم يذكر عن أحد من الأئمة أنه تكلف طلب هَؤُلَاءِ الأصناف فقسمها بينهم، وكذلك لم يذكر عن أحد من أرباب الأموال أنهم دفعوا صدقة واحدة بين هَؤُلَاءِ الذين ذكر؛ فدل أنه خرج على ما ذكرنا؛ لأنه لو كان على تسوية كل صدقة بينهم، لم يجز ألا يقسموها كذلك ويضيعون حق البعض من هَؤُلَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>