للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) قيل: انتظروا هلاكي إني منتظر هلاككم؛ لأنهم كانوا يوعدونه الهلاك.

وقيل: انتظروا مواعيد الشيطان إني منتظر مواعيد اللَّه، وهو حرف وعيد، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (٢١) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا): قال أهل التأويل: (أَذَقْنَا النَّاسَ) يعني: أهل مكة إذا أصابهم سعة وفرح ونجاة مما يخافون عادوا إلى ما كانوا من التكذيب وعبادة الأصنام، ولكن أهل مكة وغيرهم أنهم إذا أيسوا عما يعبدون من الأصنام والأوثان، فزعوا إلى اللَّه ويخلصون له الدِّين؛ كقوله: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الآية، وقوله: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا. . .) الآية، وقوله: (وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ. . .) الآية، وغير ذلك من الآيات مما يكثر عددها، كانت عادتهم الفزع إلى اللَّه عند إصابتهم الشدائد والبلايا؛ لعلمهم أن الأصنام التي كانوا يعبدونها لا يدفعون عنهم ذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا): المكر في الآيات تكذيبها وردها، فيشبه أن تكون الآية هاهنا محمدا، كان هو من أول أمره إلى آخره آية، فمكروا به لما هموا بقتله غير مرة؛ كقوله: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا. . .) الآية، ويحتمل سائر الآيات والحجج مكروا فيها، أي: كذبوها وردوها.

(قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا): المكر الأخذ من غير أن يعلم هو به، يقول: اللَّه أسرع أخذا يأخذكم وأنتم لا تعلمون به، ولا تقدرون أن تأخذوا رسول اللَّه وتمكروا به إلا وهو يعلم بذلك، فهو أسرع أخذا منكم.

(إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ): فهم الحفظة.

<<  <  ج: ص:  >  >>