للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ".

فلا ندري ما الزيادة التي ذكرها عَزَّ وَجَلَّ في الآية إلا بالخبر عن اللَّه.

وقال قائلون: الحسنى ما تقدره العقول وتدركها وتصورها الأوهام، وأما الزيادة فهي التي لا تقدرها العقول ولا تدركها ولا تصورها الأوهام؛ كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ".

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ) قيل: لا يغشى وجوههم الغبار والريح على ما وصف وجوه أهل النار، وهو قوله: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١). ولكن على ما وصف وجوه أهل الجنة بقوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩)، وذلك - واللَّه أعلم - آثار إحسانهم التي أحسنوا في الدنيا، ولما لم يروا النعم التي كانت لهم من سواه ولم يصرفوا شكرها إلى غيره، والغبرة والقترة التي ذكر لأهل النار هي آثار السيئات التي عملوها في الدنيا من عبادتهم دون الله وصرفهم شكر النعم إلى غيره ونحو ذلك من صنيعهم الذي صنعوا في الدنيا، واللَّه أعلم.

(أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

* * *

قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)

وقوله: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا): جزاء سيئة مما يوجبه الحكمة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>