للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) تأويله - واللَّه أعلم - أن في الشاهد من اتخذ ولدا إنما يتخذ لأحد وجوه ثلاثة: إما لحاجة تمسه، أو لشهوة تغلبه، أو لما يستنصر به على آخر ممن يخافه، فإذا كان له ملك السماوات والأرض وملك ما فيهما كلهم عبيده وإماؤه، فلا حاجة تقع له إلى الولد؛ إذ هو الغني وله ملك ما فيِ السماوات والأرض ومن هذا وصفه فلا يحتاج إلى الولد، ولأنه لا أحد في الشاهد يحتمل طبعه اتخاذ الولد من عبيده وإمائه، فإذا كان لله سبحانه الخلائق كلهم عبيده وإماؤه كيف احتمل اتخاذ الولد منهم لو جاز وقد بينا إحالة ذلك وفساده.

ولأن الولد يكون من شكل الوالد ومن جنسه كالشريك يكون من شكل الشريك ومن جنسه فكان في نفي الشريك نفي الولد؛ لأن معناهما واحد وكل ذي شكل له ضد ومن له ضد أو شكل فإنه لا ربوبية له ولا ألوهية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قولهم: اتخذ اللَّه ولدا، لم يريدوا حقيقة الولد، ولكن أرادوا منزلة الولد وكرامته، فهو -أيضًا- منفي عنه؛ لأن من لا يحتمل الحقيقة - أعني: حقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>