للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليقوم بذلك كله، وعلى يديه يجري.

ولذلك قال: (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: حفيظ لما وليت عليم بأمره.

وقيل: حفيظ أي: حاسب، عليم: أي بالألسن كلها. وقيل: حفيظ لما في الأرض من غلة؛ عالم بها. وعن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حفيظ لما تحت يدي، عليم بالناس.

وقيل: حفيظ بصير بتقديره عالم بساعات الجوع حين يقع، إني حفيظ لما استحفظت عليم بحوائج الناس، أو عليم بتقديم الأحق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)

يقول - واللَّه أعلم -: كما برأنا يوسف مما قرف به، وأظهرنا براءته منه؛ مكناه في الأرض حتى احتاج أهل نواحي مصر وأهل الآفاق إليه.

أو أن يقال: كما حفظناه وأنجيناه؛ مما قصد به إخوته من الهلاك؛ نمكن له في الأرض. وجائز أن يكون قوله: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) جوابه: كما مكنا ليوسف في الأرض بعدما أخرج من عليه الإيواء والضم، كذلك نمكنك في الأرض ونؤوي؛ بعدما أخرجك من عليه إيواؤك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ).

أي: ينزل منها حيث يشاء، ويسكن منها حيث يشاء.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ).

يحتمل قوله: (بِرَحْمَتِنَا) سعة الدنيا ونعيمها؛ كقوله: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).

ويحتمل (بِرَحْمَتِنَا): أمر الدِّين من النبوة والعصمة، وهو على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: ليس لله أن يختص أحدًا برحمته ولا يصيب من رحمته إنسانًا دون إنسان، وعلى قولهم لم يكن من اللَّه إلى رسول من الرحمة إلا وكان إلى إبليس مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>