للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيء؛ حيث اتهمهم يعقوب في بنيامين بخيانة كانت منهم في يوسف؛ وإن لم يظهر له منهم في أخيه شيء، وهو حجة لأصحابنا: أن من ظهر فسقه في شيء وكذبه في أمر، صار مجروح الشهادة في غيره.

وقوله: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

أي: إن أرسلته فإنما أعتمد على حفظ اللَّه، وإليه أكل في حفظه؛ لست أعتمد على حفظكم.

(وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

أي: هو بكل مكروب وملهوف أرحم من كل راحم؛ لأن كل من يرحم إنما يرحمه برحمة نالها منه. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥)

هذا قد ذكرناه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا نَبْغِي) هذا يحتمل: ما نبغي سوى الثمن؛ فقد رد إلينا دراهمنا أو يكون قوله: (مَا نَبْغِي) وراء هذا كبير شيء؛ إنما نبغي ثمن بعير واحد وثمن بعير واحد يسير؛ لأنه قد ردت بضاعتنا؛ وهو ثمن عشرة أبعرة.

(وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ).

لأنه ذكر أن يوسف كان لا يعطي كل رجل إلا حِمْل بعير واحد، ولا يعطي أكثر من ذلك؛ فقالوا: ونزداد كيل بعير به؛ ومن أجله.

(ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي: سريع لا حبس فيه: وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي: ييسر علينا الكيل، ولا يحبس عنا الطعام، ولا يثقل عليه ذلك؛ بقوله: (أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ). فإن لم نأته به فلا كيل لنا؛ وقد حبسنا عنه. واللَّه أعلم.

ويشبه أن يكون فيه وجه آخر أقرب مما قالوا وهو: أن قوله: (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي: طلب ثمن كيل بعير يسير؛ لأنه قد ردت إليهم بضاعتهم؛ وهو ثمن كيل عشرة أبعرة؛ فإنما احتاجوا إلى ثمن كيل بعير واحد؛ فقالوا: طلب ثمن كيل بعير واحد يسير، وتكلفة سهلة؛ وهو ثمن كيل بعير بنيامين. واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>