للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: (صِنْوَانٌ) وهو النخلتان في أصل واحد، (وَغَيْرُ صِنْوَانٍ): النخل المتفرق وقيل: الصنوان: ما كان أصله واحدًا؛ وهو متفرق، (وَغَيْرُ صِنْوَانٍ) والتي تنبت وحدها: وقيل: (صِنْوَانٌ): هي النخلة تخرج؛ فإذا خرجت انشعبت لعد خروج الأصل؛ فهو الصنوان، ولهذا قيل: " عَئُم الرجل صنو أبيه ".

(يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ).

أي: يسقى ما ذكر؛ من الزروع والنخيل والثمار والجنان بماء واحد.

(وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).

يذكر هذا - واللَّه أعلم - أن جوهر الأرض كلها واحد؛ وهي قطع متجاورة؛ بعضها ببعض، ثم هي مختلفة في حق الثمار والفواكه، وكذلك الأشجار والنخيل؛ كلها من جوهر واحد من جنس واحد، والأرض في جوهرها واحد وتسقى كلها بماء واحد؛ ثم يخرج مختلفًا في ألوانها وطعومها وطيبها وخبيثها ومناظرها؛ ليعلم أنها لم تكن بنفسها؛ ولا بالأسباب التي جعل لها؛ ولكن بلطف واحدٍ مدبِّرٍ عليم حكيم؛ لأنها لو كانت بأنفسها وطباعها أو بالأسباب، لكانت كلها واحدة متفقة في طيبها وخبيثها وألوانها وطعومها؛ فلما لم يكن ما ذكرنا على لون واحد ولا طعم واحد ولا منظر واحد؛ دل أنه كان بتدبير مدبر واحد؛ عليم لطيف.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).

قيل: في الحمل؛ بعضها أكثر حملا من بعض، وبعضها يحمل؛ وبعضها لا، ولكن ما ذكرنا في الطيب والخبيث والطعم واللون والمنظر - مفضل بعضه على بعض.

وأصله: أن الأرض واحدة متجاورة؛ متصلة بعضها ببعض، والماء واحد أيضًا؛ ثم خرجت الثمار والفواكه والزروع والأعناب مختلفة متفرقة؛ ليعلم أن ذلك ليس هو عمل الأرض؛ ولا عمل الماء، ولا عمل الأسباب والطباع؛ ولكن باللطف من اللَّه؛ لأنه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>