للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ذهب.

(وَمَا تَزْدَادُ) أي: ما تحمل وما تغيض الأرحام، فتلد بدون الوقت الذي تلد النساء، وما تزداد على الوقت الذي تلد النساء.

أو (وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) في زيادة عدد الأولاد ونقصانهم؛ ما تحمل واحدًا أو أكثر من واحد، أو يكون في زيادة قدر نفس الولد ونقصانه؛ لأن من الولد ما يصيبه في البطن آفة؛ فلا يزال يزداد له نقصان في البطن، ومنه ما ينمو ويزداد؛ وأمثاله. واللَّه أعلم.

(وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) مقدَّر بالتقدير؛ ليس على الجزاف؛ على ما يكون عند الخلق، ولكنه بتقدير وتدبير.

(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (٩) قَالَ بَعْضُهُمْ: لا يغيب عنه شيء، ولكن هو عالم بالذي يغيب عن الخلق ويشهده الخلق؛ أي: ما يغيب عنهم وما يشهدونه عنده بمحل واحد في العلم به.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (عَالِمُ الْغَيْبِ): ما غاب بنفسه، وما شهد بنفسه؛ فالغائب بنفسه: هو ما لم يوجد بعد؛ ولم يكن، والشهادة: ما قد وجد وكان، يعلم ما لم يوجد بعد أنه يوجد أو لا يوجد، وإذا وجد، كيف يوجد؟ ومتى يوجد؟ وفي أي: وقت يوجد؟ وما جد وشهد؛ يعلمه شاهدًا موجودًا.

على هذين الوجهين يجوز أن تخرج الآية؛ واللَّه أعلم؛ ويعلم ما غاب عنهم مما شهدوا من نحو قوة الطعام في الطعام، والقوة التي في الماء، وماهية البصر والسمع، والعقل والروح، وكيفيتها، وهذا كله مما غاب عن الخلق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ).

المتعال، عن جميع ما يحتمله الخلق؛ يقال: هذا عظيم القوم؛ وكبيرهم، وهذا واحد زمانه؛ لا يعنون عظيم النفس وكبيره أو توحده من حيث العدد؛ ولكن من حيث نفاذ الأمر له والمشيئة فيهم؛ والعزة والسلطان، وذلة الخلق له والخضوع؛ فعلى ذلك لا يفهم مما وصف هو به؛ ما يفهم من الخلق من عظم الجسم وكبر النفس، وعلى ذلك ما وصف هو بأسماء - لا يحتمل ذلك في الخلق، يقال: أول وآخر، وظاهر وباطن، وعظيم ولطيف؛ ليعلم أنه ليس يفهم مما أضيف إليه؛ ووصف هو به؛ ما يفهم مما يضاف إلى الخلق؛ إذ من قيل في الشاهد: إنه عظيم - لم يقل إنه لطيف، ومن قيل: إنه أول - لم يقل

<<  <  ج: ص:  >  >>