للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتالوا على إطفاء ذلك النور؛ فأبى اللَّه ذلك عليهم، وأظهر دينه، وأبقى نوره إلى يوم القيامة، كقوله: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) كأن مكرهم وحيلهم يرجع - في أحد التأويلين - إلى أنفس الرسل حين هموا وتعمدوا إهلاكهم.

والثاني: يرجع إلى إطفاء الدِّين؛ الذي أتى به الرسل؛ والنور الذي دعوا إليه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ).

يحتمل: عند اللَّه جزاء مكرهم؛ الذي مكروا برسل اللَّه وبدينه.

أو (وَعِندَ اللَّهِ مَكرُهُمْ): أي: عند اللَّه العلم بمكرهم، محفوظ ذلك عنده، لا يفوت ولا يذهب عنه شيء؛ فيجزيهم بذلك في الآخرة.

أو (وَعِندَ اللَّهِ مَكرُهُم): أي: عند اللَّه الأسباب التي بها مكروا، من عند الله استفادوا؛ وهو النعم التي أعطاهم، والأموال التي ملكهم، والعقول التي ركب فيهم؛ بما قدروا على المكر والاحتيال عند اللَّه ذلك كله، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ).

اختلف في تلاوته، وقراءته، وتأويله:

قرأ بعضهم: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) بالدال (١)؛ وهو حرف عبد اللَّه بن مسعود، وأبي، وابن عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهم. وقرأ بعضهم (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) بالنون.

ثم اختلف في قوله: (وَإِنْ كَانَ).

وقال الحسن وغيره: و (إن) بمعنى: (ما)، أي: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، قال: كان مكرهم أوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال، و (إن) بمعنى: (ما) كثير في القرآن، كقوله: (لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) أي: ما كنا فاعلين؛ وكقوله: (إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي: ما نحن إلا بشر مثلكم.


(١) هكذا (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>