للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، وقال في سورة الأنعام قوله تعالى: (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، وقال: (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا)، وقال هاهنا: (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).

و (هل): هو حرف استفهام في الظاهر، لكن المراد منه: ما على الرسول إلا البلاغ المبين؛ على ما قاله أهل التأويل، ما قد كان من اللَّه من البيان أن ليس على الرسل إلا البلاغ المبين. وكذلك قوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ)، أي: ما ينظرون إلا أن تأتيهم كذا. وكذلك قوله: (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى) (أم): هو حرف شك، ومراده: ما للإنسان ما تمنى، وأمثاله لما سبق من اللَّه ما يبين لهم أن ليس للإنسان ما تمنى، وقد ذكر تأويل قوله: (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) في سورة الأنعام.

ويحتمل قولهم هذا وجوهًا:

أحدها: قالوا ذلك على الاستهزاء به؛ كقوله: (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا).

والثاني: قولهم: (لَوْ شَاءَ اللَّهُ) أي: لو أمر اللَّه أن نعبده ولا نعبد غيره لفعلنا؛ كقوله: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا. . .) الآية. والثالث: قالوا: لو لم يرض اللَّه منا ذلك ما تركنا فعلنا ذلك؛ ولكن أهلكنا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا ... (٣٦)

يخبر رسوله أنك لست بأول رسول، مبعوث إلى أمتك؛ ولكن قد بعث إلى كل أمّة

<<  <  ج: ص:  >  >>