للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول، وهو كقوله: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ)، يصبره على ما يصيبه منهم من المكروه والأذى؛ أي: لست أنت بأول من يصيبه ذلك، بل كان لك قبلك إخوان أصابهم من أممهم ما يصيبك من أمتك.

وقوله: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ).

هو على الإضمار؛ كأنه قال: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا وقلنا لهم: قولوا: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ. . .) الآية، (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) على ذلك كان بعث الرسل جميعًا إلى قومهم بالدعاء إلى توحيد اللَّه؛ وجعل العبادة له، والنهي عن عبادة الأوثان دونه؛ كقوله: (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).

ويكون قوله: (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ): كقوله: (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) هما واحد.

والطاغوت: قَالَ بَعْضُهُمْ: كل من عبد دون اللَّه فهو طاغوت.

وقال الحسن: الطاغوت هو الشيطان، أضيف العبادة إليه بقوله: (لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ)، لأن من يعبد دونه يعبد بأمره، فأضيف لذلك إليه، وقد ذكرنا هذا أيضًا فيما تقدم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ).

هذا يدل أنه لم يرد بالهدى البيان؛ على ما قاله بعض الناسي؛ إذ قد سبق منه البيان لكل واحد، وما ذكر أيضا: (وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ) وهذا يرد على المعتزلة قولهم؛ حيث قالوا: الهدى: البيان من اللَّه، لكن الهدى منه في هذا الموضع ليس هو البيان، هو ما يكرم اللَّه به عبده؛ ويوفقه لدينه.

وقوله: (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ) لاختياره الهدى (وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ) أي: لزمت للزومه الضلالة واختياره إياه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ. . .) الآية.

قال الحسن: قوله: (فَسِيرُوا) ليس على الأمر؛ ولكن كأنه قال: لو سرتم في الأرض لرأيتم كيف كان عاقبة المكذبين؛ بالتكذيب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: سيروا؛ كأنه على الحجاج عليهم أن سيروا في الأرض؛ فإنكم ترون

<<  <  ج: ص:  >  >>