للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول - واللَّه أعلم -: ولله علم ما غاب عن الخلق ما في هذه الأشياء الظاهرة والأجسام المرئية.

أو يقول: ولله ملك ما غاب عن أهل السماوات والأرض، وملك ما لم يغب عنهم وظهر؛ فيكون كقوله: (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كأنه قال - واللَّه أعلم - ولله العلم الذي غيب عن أهل السماوات وأهل الأرض، وهي الساعة: لم يطلع عليها غيره.

وقوله: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ).

قَالَ بَعْضُهُمْ قوله: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ) أهون على اللَّه وأيسر من لمح البصر؛ إذ ليس شيء أيسر وأهون على الإنسان من لمح البصر؛ لأنه يلمح البصر، (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ).

أي: بل هو أقرب، أي: أيسر من لمح البصر.

وقال الحسن: إعادة الخلق على اللَّه أيسر وأهون من لمح البصر؛ لأنه يلمح بصره فيبصر به - بلحظة - ما بين الأرض إلى السماء، وهو مسيرة خمسمائة عام. يقول: من قدر أن ينشئ في خلق من خلائقه ما يبصره بلمحهَ البصر مسيرة خمسمائة عام - لقادر على إعادة الخلق وبعثهم بعد الفناء، بل هو أقرب أي: إعادته إياهم أسرع وأقرب من لمح البصر، إلى هذا يذهب الحسن.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ) أي: ما وقت قيام الساعة إلا لمح البصر، أي: ليس بين وقت قيامها وبين كونها إلا لمح البصر، بل هو أقرب من لمح البصر، لكنه مثل لمح البصر لما ليس شيء عند الناس أسرع وأهون من لمح البصر، ولما ذكرنا أنه يلمح البصر، ولا يشعر به لسرعته ولخفته عليه؛ فذكر هذا على التمثيل، ليس على إرادة حقيقة الوقت بقدر لمح البصر، ولكن على المبالغة في السرعة، وذكر أقصى ما يقع في الأوهام ويتصور؛ من نحو ما قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)، وما قال: (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا)، (وَلَا يُظلَمُونَ نَقِيرًا)، وأمثاله كله يذكر على التمثيل ليس على التحقيق، أي: فمن يعمل من قليل وكثير يره،

<<  <  ج: ص:  >  >>