للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يذكر ذلك؛ لما أن المال للولد مال لهما؛ ألا ترى إلى ما روي عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ومعه أبوه فقال: يا رسول اللَّه، إن لي مالًا، وإن لي أبًا وله مال، وإن أبي يريد أن يأخذ مالي؛ فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ " أَوَلَا ترى - أيضًا - أنه أضاف بيوت الولد إليهما؛ حيث قال: (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ)؛ قوله: (مِنْ بُيُوتِكُمْ) - معناه: بيوت أبنائكم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: (فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا): إنه صلاة الضحى، ويروى في ذلك خبر: روى زيد بن أرقم قال: خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على قوم وهم يصلون الضحى؛ فقال: " صَلَاةُ الأَوابِينَ، إِذَا رَمَضَتِ الفِصَالُ "، وفي خبر آخر عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أمرني رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بثلاث: " أمرني أن أصوم ثلاثًا في كل شهر، وألا أنام إلا على وتر، وأن أصلي ركعتي الضحى، فإنها صلاة الأوابين "، وقد يروى أحاديث كثيرة في الحث على صلاة الضحى وفعلها، وأنه صلى هو: ركعتين، وأربعًا، وستا، وثمانيًا - ما يكثر ذكرها ويطول، ومن صلاها فإنما صلاها على سبيل التطوع، ليس على سبيل اللزوم الواجب والسنة المؤكدة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صلاها مرة وتركها مرة؛ فكان كصلاة الليل يدرك فاعلها الفضل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦)

كان الآية هي صلة قوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، أي: وقضى -أيضًا- أن تؤتي ذا القربى حقه ومن ذكر، أي: فرض، وحتم، وحكم؛ على اختلاف ما قالوا، وهو كقوله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. . .) الآية. أمر - عزّ وجلَّ - ببر الوالدين، والشكر لهما، وصلة ذي القربى، فريضة، ومن ذكر.

ثم اختلفوا في قوله: (حَقَّهُ):

قَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك الحق فريضة، وهو الزكاة؛ حيث جعل تلك صلة ما هو فرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>