للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وألوهيته وربوبتته، أو ذكرت دلالة رسالاتك أو دلالة البعث، يحتمل ذكر دلالة هذه الأشياء الثلاثة؛ لأنهم كانوا منكرين لهذه الأشياء؛ فعند ذلك ذكرها.

يولون على أدبارهم نفورًا: يحتمل الهرب والإعراض، ويحتمل الكناية عن الإنكار والتكذيب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧)

كأنهم يستمعون إلى القرآن: إما لما يستحلون نظمه ورصفه، أو يستمعون إليه؛ لما فيه من الأنباء العجيبة، أو يستمعون إليه؛ ليجدوا موضع الطعن فيه، فإن كان استماعهم للوجهين الأولين فإذا جاء موضع الخلاف والتنازع، وهو ما يذكر فيه من دلالة الوحدانية ودلالة الرسالة ودلالة البعث، عند ذلك كانوا يولون الأدبار نافرين؛ لإنكارهم، وإن كان الاستماع لطلب الطعن - فهو محتمل أيضًا.

واختلف في قوله: (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ).

قيل: كانوا يستمعون إليه ليكذبوا عليه؛ كقوله: (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ)، كانوا يسرعون إلى استماع ما يقول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ليكذبوا عليه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كانوا يستمعون إليه؛ ليجدوا موضع الطعن فيه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: استمعوا إليه ليروا الضعفة والأتباع أنهم إنما يطعنون فيه بعدما استمعوا إليه وعرفوه؛ فيقع عندهم أن الطعن كان في موضع الطعن، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَإذْ هُمْ نَجْوَى).

قيل: أي: يتناجون فيما بينهم أنه مسحور وأنه مجنون وأنه كاهن، ثم أخبر اللَّه نبيه ما أسروا فيه وتناجوا بينهم؛ ليدلهم على رسالته وأنه إنما عرف باللَّه، وسماهم ظالمين؛ لما علموا أنه ليس بمجنون ولا مسحور ولكن قالوا ذلك له ونسبوه إلى ما نسبوه من السحر والجنون، على علم منهم أنه ليس كذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (٤٨)

بالمجانين والسحرة والكهنة؛ (فَضَلُّوا)، أو ضربوا لك الأسباب التي تزجر الناس وتمنعهم عن الاقتداء بك مما وصفوا له ونسبوه إليه من السحر والجنون والكهانة؛ فذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>