للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كان سؤالهم الآيات سؤال عناد وتعنت - أهلكوا إذا كذبوها، ولم ينظروا؛ كقوله: (وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ)، وقوله: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ)، ونحوه؛ ألا ترى أن عيسى - عليه السلام - سألوه أن يسأل ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء؛ لتكون لهم آية منه؛ فسأله، فأخبر أنه ينزلها عليكم، ثم أخبر ما يفعل بهم إذا كفروا بعد ذلك، وهم كانوا يسألونه سؤال تعنت وتمرد؛ نقال: (إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) الآية.

هكذا كانت سننه فيمن سأل الآيات سؤال تعنت وعناد.

وجائز أن يكون الذي منع عن إرسال الآيات على أثر السؤال وإهلاك هذه الأمة: ما يكون من الإسلام من نسل هذه الأمة بعد نبيهم، وإبقاء التناسل إلى يوم القيامة، والله أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً).

قيل: آية لرسالة صالح.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مُبْصِرَةً)، أي: معاينة يعاينونها أنها آية من اللَّه لهم؛ حيث رأوها مخالفة لنوقهم، وهو ما قال: (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً).

(فَظَلَمُوا بِهَا)، أي: كذبوا بها وجحدوها ثم عقروها بعد علمهم أنها آية من اللَّه لهم؛ حيث رأوها وعاينوها خلافا لنوقهم، خارجة عن نوق البشر، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا).

قال ابن عَبَّاسٍ والحسن وغيرهما: الموت الذريع، أي: السريع.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) للناس؛ فإن لم يؤمنوا بها عذبوا في الدنيا.

أو يقول: وما نزل بالآيات مقرونة بالسؤال سؤال التعنت فكذبوها - (إِلَّا تَخْوِيفًا) للهلاك، على ما ذكرنا من الآيات التي سألوها. أو أن يكون قوله: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ): على أثر السؤال بها ثم التكذيب لها، (إِلَّا تَخْوِيفًا) لمن تأخر ممن سأل مثلها فكذب

<<  <  ج: ص:  >  >>