للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأتقى الخلائق وبين الملائكة، فيتكلم حينئذ بتفضيل بعض على بعض؛ فهو ما ذكرنا أن الأمر في ذلك إلى اللَّه، ليس إلينا من ذلك شيء، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧١) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ).

قال الحسن: هذا صلة قوله: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، فيقول: أي: يوم ندعو كل أناس بإمامهم.

ثم اختلف في قوله: (بِإِمَامِهِمْ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: ندعو بإمامهم، أي: بدينهم الذي دانوا به وذبوا عنه، ويدعى كل بدينه الذي دان به وذبَّ عنه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (بِإِمَامِهِمْ)، أي: برؤسائهم وأئمتهم الذين أضلوهم، أي: يدعى الأتباع بأئمتهم ورؤسائهم الذين أضلوهم حتى يلوم بعضهم على بعض، ويلعن بعضهم على بعض، ويتبرأ بعضهم من بعض؛ كقوله: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا. . .) الآية، وقوله: (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)، وقوله: (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)، يدعى الأتباع بالمتبوعين.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: يدعى كل أناس بداعيهم الذي دعاهم: إن كان رسولًا فبالرسول، وإن كان شيطانًا فبالشيطان، وهو قريب مما ذكرنا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (بِإِمَامِهِمْ): كتابهم الذي كتب الملائكة أعمالهم فيه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: يدعى بكتابهم الذي أنزل عليهم، يدعى كل بما ذكر؛ ليعلموا أن الحجة قد قامت عليهم، ووجب لهم العذاب باتباعهم ما اتبعوا بلا حجة ولا برهان.

وحاصل أقاويل هَؤُلَاءِ ترجع إلى وجوه ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>