للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَيِّنَاتٍ).

أنها من عند اللَّه جاءت، وأنها ليست من البشر، وأنها سماوية.

و (بَيِّنَاتٍ)، أي: مبينات ما يبين صدق موسى في جميع ما يخبر، ويقول، ويبين عدله في حكمه وفعله؛ لأن في آيات الرسل يحتاج إلى هذا: أن تبين للناس صدقهم في قولهم، وعدلهم في حكمهم، وأنهم يدعون إلى عبادة اللَّه، والطاعة له، وذلك يجب على كل ذي عقل وطبع سليم، فالحاجة إلى الآيات ليست إلا لصدقهم وعدلهم في حكمهم.

ثم اختلف في الآيات:

قَالَ بَعْضُهُمْ: العصا، واليد، والحجر، والطمس، والخمس التي ذكر في سورة " المص "، وهو قوله: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ. . .).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الخمس التي ذكر في سورة " المص "، والعصا، والموت الذي أرسل عليهم، واليد البيضاء، وانفلاق البحر.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنها الخمس التي ذكر في سورة " المص "، واليد، وحل العُقْدة التي بلسانه، وفي العصا آيتان.

وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - العصا، واليد، والسنون، ونقص من الثمرات.

ثم منهم من يجعل السنين ونقصًا من الثمرات آية واحدة، ومنهم من يجعلهما آيتين، وكذلك العصا، منهم من يجعلها آية واحدة، ومنهم من يجعلها آيتين، ومنهم من يعد الطمس، ومنهم من لا يعد.

ونحن نجعل العصا آية واحدة، والسنين، ونقصًا من الثمرات آية واحدة والطمس آية، والخمس التي ذكرت في سورة " المص "، فتكون ثمانيًا فتكون التاسعة قوله: (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ)؛ لأنه قال: لقد علمت أنها آيات، ولم يكذبه فرعون، ولم يستقبله بشيء يكذبه في قوله، وهو ما قال: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)، أخبر أنهم جحدوا بها بعدما استيقنوا أنها آيات، وحجج ظلمًا وعلوًّا، وما روى صفوان بن عسال المرادي: أنه قال: إن يهوديين أتيا إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فسألاه عن التسع آيات التي ذكر أنه آتاها موسى فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تشركوا باللَّه شيئًا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تسحروا، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان فيقتله، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا محصنة، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة يا يهوديان أَلَّا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ "، قال: فقبَّلا يديه،

<<  <  ج: ص:  >  >>