للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل (آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً): نعمة وسعة، وهيئ لنا من أمر ديننا صوابًا، يقول (آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا).

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١)

الضرب على الآذان: هو المحو، محو الأسماع، ويقال: اضرب على حديث كذا: امحه.

ثم يحتمل محو الأسماع وجهين:

أحدهما: محو الأرواح التي بها تحيا الأنفس؛ فيكون كناية عن الموت.

أو يكون محو أرواح الأسماع التي تسمع لا الموت، فلما قال في آية أخرى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ)، دل أنه إنما أراد محو أرواح الأسماع، لا محو الأرواح التي بها حياة الأنفس، وهو كقوله: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ. . .) الآية. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ ... (١٢) من رقودهم؛ (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) أي: لنعلم ما قد علمناه غائبًا شاهدًا؛ إذ كان عالمًا بما يكون منهم، وتأويله: ما ذكرنا: ليعلم الخلق شاهدًا، كما علم هو غائبًا.

أو ليعلم المخطئ منهم من المصيب؛ إذ محال وصفه بالعلم بالمخطئ ولا مخطئ ثم، وبالمصيب ولا مصيب ثمة، فإذا كان كذلك فيكون قوله: ليعلم المخطئ من المصيب، والمصيب من المخطئ إذا كان، وأصله: أنه يعلمه كائنا على ما علم أنه يكون.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا).

يضشمل: (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: مشركيهم ومؤمنيهم.

ومنهم من قال: الملك والفتية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم اختلفوا في مكثهم إذ بعثوا.

قَالَ بَعْضُهُمْ: (لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)، وقَالَ بَعْضُهُمْ: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ) ولكن لسنا ندري من أي الحزبين، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة، سوى أنا ذكرنا قول أهل التأويل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) الحق في النبأ: الصدق، والحق في الأحكام: العدل، وفي الأفعال: الصواب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الحق - هاهنا -: هو القرآن، فيكون قوله (بِالْحَقِّ) أي: في الحق،

<<  <  ج: ص:  >  >>