للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إياها في الدنيا.

والثاني: لقد جئتمونا كما قلنا في الدنيا: إنكم تبعثون، وتحشرون، وتقوم لكم الساعة.

والثالث: ما قاله أهل التأويل: لقد جئتمونا فرادى بلا أنصار ينصرونكم، ولا أعوان يعينونكم على ما كنتم في الابتداء.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كما خرجتم من بطون أمهاتكم عراة وحفاة ليس معكم مال يمانعكم ولا أنصار تناصركم، وهو ما قال: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ. . .).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا).

هذا يدل أن تلك الأهوال التي ذكر إنما تكون للعصاة، ومن أنكر البعث؛ حيث قال: (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا) يعني: القيامة. وهذا يدل أن الأهوال والأفزاع التي ذكر في الآية الأولى تكون للعصاة والفسقة من خلقه دون المؤمنين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)

قيل: الحساب، ويحتمل: الكتاب الذي كتبته الملائكة، وضع ذلك الكتاب في أيديهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ).

أي: خائفين وجلين وقَالَ بَعْضُهُمْ: لما نظروا في الكتاب فرأوا من أعمالهم الخبيثة فيه عند ذلك خافوا مما فيه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً).

من الأعمال السيئة.

(إِلَّا أَحْصَاهَا)، أي: حفظها، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة من الحسنات والسيثات إلا أحصاها.

ويحتمل قوله: (لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً)، أي: لا يترك شيئًا مما يجزى به الإنسان وما لا يجزى به (إِلَّا أَحْصَاهَا)، أي: حفظها.

(وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا)، في الدنيا، (حَاضِرًا)، في الآخرة، محفوطا غير فائت عنه شيء ولا غائب منه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنما هو قول الملك يقول لهم ذلك، كقوله: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، أي: حفيظ، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>