للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قومهم وأسروا النجوى عنهم فيما بينهم أنهما كذا.

ثم قوله: (إِنْ هَذَانِ) بالألف، قال أبو عبيدة: هذه لغة قوم من العرب، يقال: مررت ورأيت رجلان، فهو على تلك اللغة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن هذه الألف لا تسقط في الوحدان بحال، يقال: مررت بهذا ورأيت هذا، ونحوه، فهو الأصل لا يحتمل السقوط في الأحوال كلها في الوحدان والتثنية.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)، أي: نعم هذان، وذلك لغة قوم أيضًا، يقولون: (إن) مكان (نعم)، كقول القائل في آخر بيته:

. . . . . . . . . . . . فقُلْتُ إِنَّهْ

أي: نعم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا، ولكن هذا خطأ من الكاتب، وكذلك عن عثمان: أنه لما نظر في الكتاب فقال: إني أَرَى فِيهِ [لَحْنًا وَسَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَ] (١)، أو نحو هذا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا) هذا القول إنما أخذوا من فرعون، حيث قال: (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ. . .) الآية، وقوله أيضًا حيث قال: (أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى)، علم فرعون أن ذلك ليس بسحر لكنه أراد أن يغري قومه عليه؛ لئلا يتبعوه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى) اختلف فيه:

قال الحسن: قوله: (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: بعيشكم أمثل العيش؛ لأنهم كانوا جبابرة وفراعنة، وكانوا بنو إسرائيل لهم خدمًا وخولًا يستخدمونهم ويستعملونهم في حوائجهم، فكان تعيشهم بهم، فقال (وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: يذهبا بأمثل عيشكم، حيث قال له موسى: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى)، أي: يذهبا بدينكم ومذهبكم الأمثل؛ لأنه يقول: إن الذي يدعوهم إليه هو الرشاد، وأن الذي يدعوهم موسى إليه هو باطل، وإنه سحر


(١) في النسخة المطبوعة هكذا [خطابًا فيقومها العرب بألسنتها] والتصويب السمرقندي والقرطبي.
وهذا القول من أخبث ما وضع الوضاعون على عثمان رضى اللَّه عنه، وقد أنكر العلماء صحة نسبته إليه. على أن عثمان لم يستقل بجمع المصحف بل شاركه؟؟ الصحابة في جمعه وكتابته ولم ينشروه بين المسلمين حتى قابلوه على الصحف التي جمع القرآن فيها عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فلم يتداوله المسلمون إلا وهو بإجماع الصحابة موافق تمام الموافقة للعرضة الأخيرة التي عرض فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القرآن على جبريل عليه السلام. وهل يظن ظان أن عثمان رضى اللَّه عنه وهو ثالث الخلفاء الراشدين يرى في المصحف لحنا يخالف ما أنزل اللَّه ويتركه ويقول: ستقيمه العرب بألسنتها! وكيف يفعل أن يقول ذلك في حضرة الصحابة ولا يقفون في وجهه ويردون عليه قوله وهم أنصار الدين وحماته. وممن أنكر نسبة هذا القول إلى عثمان المصنف والزمخشري وأبو حيان والآلوسي في سورة " النساء " عند قوله تعالى: " وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ " آية ١٦٢، راجع ج ٦ ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>