للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموتى بعد الموت، وبعد ما صاروا ترابًا،

وقوله: (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) أي: من كل جنس حسن (بَهِيجٍ) أي: يسر، وهو وفعيل بمعنى فاعل، يقال: امرأة ذات خلق باهج.

ومال أَبُو عَوْسَجَةَ: الهامد: البالي، يقال: همد الثوب: إذا بلي، والهامد أيضًا: الخامد، خمدت النار تخمد خمودًا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَرَبَتْ) أي: أضعفت النبات.

وقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) أي: ذلك الذي تقدم ذكره من الساعة وزلزالها وأهوالها وما ذكر من خلق الإنسان وتقليبه من حال إلى حال، وما ذكر من البعث والإحياء، وإحياء الأرض بعد ما كانت هامدة - هو الحق.

(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ) أي: كائن لا محالة؛ ألا ترى أنه قال: (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧) هذا كله يدل أن قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ) في تحقيق البعث والإحياء بعد الموت، وأنه لا يعجزه شيء، وأنه قادر بذاته، عالم بذاته.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ذَلِكَ) يقول: هذا الذي فعل وظهر من صنعه يدل على أن الله هو الحق وغيره من الآلهة التي يعبدونها باطل، وأنه يحيي الموتى في الآخرة، لا الآلهة التي يعبدونها، (وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي: قدير، على ما يشاء، وهو ما أخبرنا.

وقال الحسن: هو اسم من أسماء اللَّه تعالى سمي به؛ لأنه يحكم بالحق.

* * *

قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (٩) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠)

وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) يحتمل قوله: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حسي (وَلَا هُدًى) أي: لا بيان دليلي من جهة العقل (وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ) أي: ولا وحي ينير ما يجال فيه ويخاصم.

ويحتمل أن يكون قوله: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي: بغير إذعان ممن عنده العلم (وَلَا هُدًى) لا استسلام لمن عنده الدليل، ولا خضوع لمن عنده كتاب منير.

<<  <  ج: ص:  >  >>