للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) قال أهل التأويل: (لِلطَّائِفِينَ) هم القادمون من البلدان (وَالْقَائِمِينَ): المقيمين هنالك (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ): المصلين.

ويحتمل قوله: (لِلطَّائِفِينَ): لكل طائف به، (وَالْقَائِمِينَ)، (وَالْعَاكِفِينَ) ١٢٥: لكل عاكف نحوه، والعكوف هو المقام للعبادة، (وَالْقَائِمِينَ): لكل قائم عاكف نحوه، (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وساجد نحوه، أي: لكل مصل، وهذا أشبه، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) يحتمل وجهين:

أحدهما: على الإعلام: أن أعلم الناس: أن لله عليهم الحج بالبيت، كقوله: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ. . .) الآية.

والثاني: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) أي: ادع الناس ونادهم أن يحجوا البيت.

قال أهل التأويل: لما أمر اللَّه إبراهيم ينادي في الناس بالحج، فنادى، فأسمع الله صوته ما بين المشرق والمغرب، حتى أسمع صوته ونداءه من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فقالوا: (لبيك)، ومن حج بيته فهو الذي أجاب إبراهيم لما ناداهم بالحج.

لكن لا يعلم ذلك إلا بالخبر عن رسول اللَّه أنه كان ما ذكروا، وإلا السكوت عنه وعن مثله أولى.

وقالوا: إن قوله: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) موصول بمَوله: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ. . .) الآية.

وجائز أن يكون قوله: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) لرسول اللَّه، أو لكل رسول بعث الأمر بذلك في كل زمان، واللَّه أعلم بذلك.

وقوله: (يَأْتُوكَ رِجَالًا) أي: على الأرجل مشاة (وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ)، أي: يضمر ويذهب سمنه؛ لبعد المضرب، وهو ما ذكر: (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) أي: من كل بعيد.

ثم قوله: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) على الدعاء والأمر، فيكون في قوله: (يَأْتُوكَ رِجَالًا) دلالة لزوم الحج على المشاة، كأنه قال: مرهم يحجّون مشاة على الأرجل وركبانا، وإن كان على الإعلام فهو على الوعد والجزاء: أنهم يأتونك على الأرجل مشاة وعلى الدواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>