للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: ما يُضِل بهذا المثَل إلا الفاسق الذي لا ينظر إلى ما فيها من الأُعجوبة واللطافة في الدلالة.

وقوله: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ (٢٧)

عهد اللَّه يكون على وجهين:

عهدُ خِلْقه؛ لما يشهد خَلْقه كُل أحدٍ على وحدانية الرب؛ كقوله: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).

وكقوله: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ. . .) الآية. إنه إن نظر في نفسه وتأَمل عرف أن له صانعًا وأنه واحد لا شريك له.

وعَهْدُ رسالةٍ على أَلْسِنة الأَنبياءِ والرسل عليهم السلام؛ كقوله: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي. . .) والآية.

وكقوله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ. . .) الآية.

فنقضوا العهدين جميعًا؛ عهدَ الخلقة، وعهد الرسالة.

وقوله: (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ).

يَحْتَمِل وجهين:

يقطعون الإيمان ببعض الرسل وقد أُمروا بالوصل؛ كقوله: (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ).

وقيل: يقطعون ما أمر اللَّه أن يوصل من صلة الأرحام.

وقوله: (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ).

قيل فيه بوجهين:

يفسدون بما يأمرون في الأرض بالفساد؛ كقوله: (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ).

وقيل: يفسدون، أي: يتعاطَوْن بِأنفسهم في الأَرض بالفساد؛ كقوله: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا).

وقوله: (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).

يحتمل أَيضًا وجهين:

خسروا لما فات عنهمِ، وذهب من المنى والأَماني في الدنيا.

ورُويَ عن الحسن أنه قال في قوله: (هُمُ الْخَاسِرُونَ): أي: قذفوا أَنفسهم -

<<  <  ج: ص:  >  >>