للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْقُتَبِيُّ: قوله: (مُذْعِنِينَ) أي: خاضعين.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: مسرعين، مطيعين؛ يقال: ناقة مذعان: أي سريعة، ونوق مذاعين، والحيف: الجور، حاف يحيف حيفًا فهو حائف.

وقوله: (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) قوله: (دُعُوا إِلَى اللَّهِ) يحتمل إضافة الدعاء إلى اللَّه وجهين:

أحدهما: دعوا إلى كتاب اللَّه وإلى رسوله: (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ)، كقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا).

والثاني: إضافته إلى اللَّه هي إضافة إلى رسوله، كقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)، جعل طاعة الرسول طاعة لله؛ فعلى ذلك جائز أن يراد بإضافة الدعاء إلى اللَّه دعاء إلى رسول اللَّه، وعلى ذلك يخرج قوله: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) لا يحتمل أن يكونوا يخافون حيف اللَّه وجوره، لكن إنما يخافون جور رسوله أو كتابه، واللَّه أعلم.

وقوله: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... (٥١) قد ذكرنا إضافة الدعاء إلى الله في قصة المنافقين ونعتهم، فعلى ذلك في نعت المؤمنين.

وقوله: (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) يحتمل قوله: (سَمِعْنَا) أي: سمعنا الدعاء وأطعنا الأمر.

ويحتمل: سمعنا: أجبنا وأطعنا الأمر.

وجائز أن يكون قوله: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) ليس على حقيقة القول منهم والنطق به، ولكن إخبار من اللَّه - تعالى - عما هم عليه واعتقدوا به؛ إذ كل مؤمن يعتقد في أصل اعتقاده طاعة اللَّه وطاعة رسوله، فيكون كما ذكر في آية أخرى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، هذا إخبار عما أطعموهم، ليس أنهم قالوا باللسان: إنما نطعمكم لكذا، ولكن إخبار عما في قلوبهم، فعلى ذلك الأول.

وقوله: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المفلح هو الذي يظفر بحاجته دنيوية وأخروية؛ يقال: فلان أفلح: أي: ظفر بحاجته، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٥٢) يحتمل قوله: (وَيَخْشَ اللَّهَ) أي: يخشى اللَّه على ما مضى من ذنوبه ويتقيه فيما بقي من عمره.

أو يخشى اللَّه على ما يكون منه من التقصير والتفريط ويتقي ذلك وكل معصية الله

<<  <  ج: ص:  >  >>