للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدل أنه ما ذكرنا.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الإسراف: الفساد، والتقتير: التضييق، (وَلَمْ يَقْتُرُوا) أي: لم ينفقوا قليلا لا يكفي عيالهم.

قال: والقوام: الوسط. ويقال: لا قوام لي في هذا الأمر، أي: لا طاقة لي فيه، ولا أقاوم هذا الأمر، أي: لا أطيقه، والقوام: القصد.

قال أبو معاذ: في قوله: (وَلَمْ يَقْتُرُوا) لغات أربع: (ولم يُقْتِروا): برفع الياء وبخفض التاء غير مثقل، و (يَقْتِروا) بنصب الياء، وخفض التاء، و (يَقْتُرُوا) برفع التاء، والمعنى كله واحد. وقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (٧٣) قَالَ بَعْضُهُمْ: يقول: إذا ذكروا بآيات ربهم لم يصموا عن الحق ولم يعموا؛ قال: هم - واللَّه أعلم - قوم عقلوا عن اللَّه، وانتفعوا بما سمعوا من كتاب اللَّه.

وقال الحسن: من يقرؤها بلسانه يخر عليها أصم وأعمى؛ كأنه يخبر أن أُولَئِكَ - أعني: أهل صفوة اللَّه وإخلاصه - لم يخروا على تلك الآيات صُمًّا ولا عميانا كالكفرة العندة، ولكن خروا عليها متذكرين ومتفقهين متيقظين، عالمين بما فيها، عاملين؛ كقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . .) الآية.

وقوله: (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا): فَإِنْ قِيلَ: أخبر هاهنا أنه يضاعف له العذاب، وقال في آية أخرى: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا)، فما معنى الضعف هاهنا؟

قيل: يحتمل هذا وجهين:

أحدهما: أنه يضاعف العذاب للذين تقدم ذكرهم إذا كفروا باللَّه بعدما بلغوا المبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>