للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عظيم.

وقوله: (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤)

(يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، أي: يعبدون الشمس من دون اللَّه.

وجائز: يطيعون للشمس ويخضعون لها من دون اللَّه.

وقوله: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) الخبيثة السيئة حتى رأوها حسنة (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ): وهو سبيل اللَّه؛ لأن السبيل المطلق هو سبيل اللَّه وهو الإسلام، والكتاب المطلق كتاب اللَّه.

وقوله: (فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ): فإن كان هذا القول من الهدهد؛ فتأويله: فصدّهم عن السبيل فهم غير مهتدين؛ لأنه لا يحتمل أن يعرف أنهم لا يهتدون في حادث الوقت.

وإن كان من اللَّه فهو إخبار أنهم لا يهتدون أبدا، لما علم أنهم لا يهتدون، واللَّه أعلم.

وقوله: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اختلف في تلاوته بالتخفيف والتشديد: فمن قرأه بالتشديد: (أَلَّا يَسْجُدُوا) فهو يخرج على وجهين:

أحدهما: على طرح (لا) كأنه يقول: فهم لا يهتدون أن يسجدوا، أي: هم لا يهتدون أن يسجدوا.

والثاني: صلة قوله: (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) لئلا يسجدوا.

ومن قرأ بالتخفيف فهو يخرج على الأمر، أي: ألا فاسجدوا لله.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ألا - بالتخفيف -: هلا يسجدون لله؛ وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود أنه قرأ: (هلا يسجدوا لله)، وهو حجة من قرأه بالتخفيف.

وفي حرف أبي: (ألا تسجدوا لله)، بالتاء على المخاطبة إلى قوله: (وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ). وذكر في حرف حفصة: (ألا يسجدون) بالنون.

قال الكسائي: ومن شدد (ألَّا) فتأويله: زين لهم الشيطان ألا يسجدوا على ما ذكرنا.

وأما التخفيف فهو على وجه الأمر، أي: اسجدوا و (أَلَا) صلة والياء صلة أيضا -

ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: من قرأه بالتخفيف يلزمه السجود؛ لأنه أمر.

وأما من قرأه بالتشديد فلا يلزم.

لكن عندنا سواء يلزمه السجود بالتلاوتين جميعًا؛ لأنه لا يحتمل أن يلزم السجود فيما يأمر غيره بالسجود، ولا يلزم فيما يخبر عنهم أنهم لا يسجدون، بل لزوم السجود فيما يخبر أنهم لا يسجدون أولى؛ خلافًا لصنيعهم وإظهارًا للطاعة لله في ذلك، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>