للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما ذكر، ولكن لا نعلم قدره وعدده ما هو؟ ولا كم هو؟ وكذلك العصبة أيضًا لا نعلمه كم عدده؟ إلا أن أهل التأويل يقول بعضهم: من عشرة إلى أربعين، ويقول بعضهم: من عشرة إلى خمس وسبعين، وبعضهم: من عشرة إلى خمس عشرة ونحوه، لا نفسره ولا نذكر عدده سوى أنه اسم جماعة يتعصب بعضهم بعضًا يرجعون جميعًا إلى أمر واحد، وكذلك الشيعة هي جماعة يتشيع بعضهم بعضًا ويتبع بعضهم بعضًا؛ ولذلك قال إخوة يوسف لأبيهم: (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)، أي: يتعصب بعضنا بعضًا لا ندعه يأكله، ولئن لم نفعل ولم نحفظه (إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ).

وقوله: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ): اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: لتثقل بالعصبة تلك المفاتيح.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (لَتَنُوءُ) أي: تميل بها العصبة إذا حملتها من ثقلها.

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ)، أي: لتعجز العصبة عن حملها.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: تنوء: تثقل، والعصبة: جماعة.

وقوله: (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ): قَالَ بَعْضُهُمْ: لا تبطر ولا تأشر؛ إن اللَّه لا يحب البطرين الأشرين.

وجائز أن يكون قوله: (لَا تَفْرَحْ) أي: لا تفتخر على الناس بما آتاك اللَّه من المال ولا تتكبر عليهم، (لَا تَفْرَحْ) لا تسكن إليها، ولا تركن إلى ذلك، إن اللَّه لا يحب من ذكر.

وقوله: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)

كان كثرة ما آتاه اللَّه من المال أنسته الآخرة، وشغلته عنها وعن العمل لها، حتى حمله ذلك على الجحود والإنكار، فقالوا: وابتغ الدار الآخرة بما آتاك اللَّه.

(وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) أي: لا تنس من مالك نصيبك في الدنيا ولكن قدم لآخرتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>