للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندهم كبير قيمة وقدر؛ إذ منهم من يحيي ليله بدرهم وبما يسد به حاجتهم في يوم أو ليلة.

والثاني: أن الأعمال التي يعملها المرء تكون على وجوه سيئات تكفر بالتوبة أو بما كان يعاقبون عليها، وحسنات يجزون بها الثواب الجزيل، وإباحات يعملون لحوائج أنفسهم مما لا يعاقبون عليه ولا يثابون، فيقول - واللَّه أعلم -: لنجزينهم أحسن الذي عملوا وهو الحسنات والخيرات عملوها لله.

أو أن يكون قوله: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) أن نكفر سيئاتهم بنوع من الحسنات ولثابون على أحسنها، وهو ما قال: (لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)، واللَّه أعلم بذلك.

وقوله: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)

وقرئ أيضا: (إحسانا) قال الزجاج: قوله:، (حُسنًا) أجمع وأقرب؛ لأنه يرجع إلى حسن الشيء في نفسه، وإلى حسنه عند ذلك الإنسان؛ يقال: حسن كذا إذا كادْ في نفسه حسنا، والإحسان: هو ما يحسن عند ذلك المعمول له، أو كلام نحو هذا.

قال الشيخ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لكن الإحسان هو اسم ما حسن أيضًا في تفسه، يقال: أحسن، فإذا أحسن، فقد حسن، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ): إن كان هذا الخطاب لأهل الإيمان فيكون تأويل الآية: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي: بأن له لئمريكًا، أي: تعلم بأن ليس له شريك فلا تشرك به؛ وهو كقوله: (قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)، أي: يعلم بخلاف ما يقولون؛ فعلى ذلك قوله يحتمل (مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) بأن له شريكا، أي: لك العلم بخلافه: بأن ليس له شريك.

وإن كان الخطاب لأهل الكفر يقولون على اللَّه ما ليس لهم به علم.

وقوله: (فَلَا تُطِعْهُمَا): أمر بالبرّ للوالدين والإحسان إليهما والطاعة لهما ما لم يكن في طاعتهما معصية الربّ؛ ليعلم أن لشى يجب طاعتهما في كل شيء وفي كل ما كان عندهما إحسانا، ولكن فيما كان في ذلك طاعة الخالق.

وقوله: (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ): وعيد لتكونوا أبدًا على حذر في أعمالكم لا تعملون بما فيه معصية الرب.

وقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩) كأنه قال: والذين آمنوا

<<  <  ج: ص:  >  >>