للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتكذيبه ما يصير كافرا وهو سبب كفره؛ كقوله: (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ. . .) والآية: كان رسول اللَّه يحزن ويهتم بتكذيبهم إياه فيما يقول ويخبر عن اللَّه، فيقول: لا يحزنك تكذيبهم إياك؛ فإنهم إلينا يرجعون فنجزيهم ونكافئهم جزاء التكذيب.

والثالث: (فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ)، أي: فإن ضرر ذلك الكفر عليهم لا عليك؛ كقوله: (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ. . .) الآية، ونحوه من الآيات، يخبر رسوله ألا يحزن على كفر من كفر؛ فإن ضرر ذلك يلحقه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا).

هذا وعيد، أي: إلينا مرجعهم فننبئهم عما غفلوا عنه واختاروه في الدنيا، فيحفظونه ويتذكرون ما عملوا.

أو أن يكون قوله: (فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا)، أي: نجزيهم ونكافئهم جزاء أعمالهم ومكافأتهم.

(إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

أي: عالم بما كان منهم وما جزاؤهم، واللَّه أعلم.

وقوله: (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ... (٢٤)

أي: في الدنيا؛ لأن متاع الدنيا قليل، على ما وصفه: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ)، أي: يتمتعون ويعمرون بذلك القليل.

(ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ).

يذكر هذا مقابل ما ذكر لأهل الجنة؛ حيث قال: (خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا)، فيخبر أن أهل النار يضطرون ويدفعون إلى النار، لا أنهم يدخلونها اختيارا؛ كقوله: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا).

وقوله: (غَلِيظٍ) جائز أن يكون كناية عن امتداده وطوله.

وجائز أن يكون كناية عن شدته وألمه أو جراحته؛ كقوله: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ. . .) الآية.

وقيل: يغلظ عليهم العذاب لونًا بعد لون، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>