للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال عامة أهل التأويل: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) حُبَّها وإعجابها، (مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ)، أي: ما اللَّه مظهره في القرآن، أي: حبها وتزوجها.

وقال قائلون: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) يا مُحَمَّد: ليت أنه طلقها، (مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ)، أي: مظهره عليك، حتى ينزل به قرآنا.

لكن هذا بعيد محال؛ لا يحتمل أن يكون النبي يقول لزيد: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ)، ثم يخفي هو في نفسه: ليت أنه يطلقها؛ حتى يتزوجها هو.

وجائز أن يكون قوله: (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) هذا القول نفسه، هو الإبداء؛ حيث جعله آية تتلى بعد ما أخفى رسول اللَّه شيئًا في نفسه: ما لولا ذكر اللَّه إياه ذلك لم يعلم الخلق أنه أخفى شيئًا، ولا ندري ما الذي أخفاه كذا وكذا إلا بخبر يجيء عنه، فيقول: إني أخفيت في نفسي كذا؛ فعند ذلك يسع، فأما على الوهم فلا نقول به.

وقوله: (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَتَخْشَى النَّاسَ)، أي: تستحي قالة الناس: " إنه تزوج امرأة ابنه "؛ وتترك نكاحها، واللَّه أحق أن تستحي منه في ترك أمره إياك بالنكاح.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَتَخْشَى النَّاسَ)، أي: تتقي قالة الناس؛ تستحي منهم في أمر زينب وما أعجبت هي إليك حسنها وحبها، (وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ) على الابتداء على غير إلحاف بالأول في كل أمر وكل شيء؛ كقوله: (فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي)، والله أعلم.

وقوله: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا).

قال أهل التأويل: (قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا) أي: حاجة، أي: جماعًا؛ فإن كان الجماع - ففائدة ذكر الجماع فيه؛ ليعلم أن حليلة ابن التبني تحل للرجل، وأن الوطر هو عقد النكاح والجماع جميعًا، وإن كان كل واحد منهما سبب الحظر والمنع في نكاح حليلة ابن الصلب.

وجائز أن يكون قوله: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا)، أي: قضى همة نفسه، وبلغ غاية ما همت نفسه منها؛ فعند ذلك زوجناكها.

ذكر أن زينب بنت جحش كانت تفتخر على سائر أزواج النبي، فتقول: " زوجكن

<<  <  ج: ص:  >  >>