للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).

جائز أن يكون ذكره وإخباره: أنه خاتم النبيين؛ لما علم - جل وعلا - أنه يسمى غيره بعده نبيا؛ على ما قالته الباطنية: إن قائم الزمان هو نبي؛ فأخبر بهذا أن من ادَّعى ذلك لا يطالب بالحجة والدلالة؛ ولكنه يكذب؛ وكذلك روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " لا نبي بعدي " أخبر أنه ختم به النبوة.

وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)، أي: لم يزل اللَّه بما كان ويكون وبما به صلاحهم عليما.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا. وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا. تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا.

وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١)

أما أهل التأويل يقولون: اذكروا اللَّه في كل حال وفي كل وقت، ذكرًا كثيرًا باللسان.

وجائز أن يكون تأويل أمره بالذكر له كثيرًا، أي: اذكروا نعمه؛ لتشكروا له، واذكروا أوامره؛ لتأتمروا، ونواهيه ومناهيه؛ لننتهي، ومواعيده؛ لنخاف وعداته؛ لنرغب، واذكروا عظمته وجلاله وكبرياءه؛ ليهاب، (ذِكْرًا كَثِيرًا)، أي: دائمًا يذكرون ما ذكرنا؛ ليكون ما ذكرنا؛ إذ إنما يكون ذلك بالذكر؛ واللَّه أعلم.

وقوله: (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢)

البكرة: هي ختم الليل وابتداء النهار، والأصيل: هو ختم النهار وابتداء الليل؛ فكأنه أمر بالذكر له، والخير في ابتداء كل ليل وختمه، وابتداء كل نهار وانقضائه؛ ليتجاوز عنهم ويعفو ما يكون منهم من الزلات في خلال ذلك؛ وعلى ذلك ما روي في الخبر " أن من صلى العشاء الأخيرة والفجر بالجماعة فكانما أحيا ليلته ".

وجائز أن يكون ذلك ليس على إرادة البكرة والأصيل؛ ولكن على إرادة كل وقت وكل

<<  <  ج: ص:  >  >>