للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد: فإن كثيرًا من الصحابة وأهل التأويل، من نحو: عبد اللَّه بن مسعود، وابن عباس وغيرهما - رضي اللَّه عنهم - لم يفهموا من قوله: (خَالِصَةً لَكَ) بلفظة دون لفظة، حتى روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال في قوله: (إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ): " هن الموهوبات "، فما بال الشافعي في فهم ذلك ما ذكر؟!

وبعد فإنه ليس من عقد إلا وهو يحتمل الانعقاد بلفظة " الهبة " من البياعات والإجارات وغيرها؛ فعلى ذلك النكاح، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ).

أي: قد أحللنا لك ما ملكت يمينك، وأحللنا لك أيضًا، (وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ).

ثم جائز أن يكون حل بنات من ذكر من الأعمام والأخوال للناس بهذه الآية؛ لأنهن لم يذكرن في المحرمات في سورة النساء؛ فيكون ذكر حلهن لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذكرًا للناس كافة، كما كان ذكر حل نكاح حليلة زيد بن حارثة له حلا للناس في أزواج حلائل التبني؛ حيث قال: (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ)؛ فعلى ذلك الأول.

أو أن يكون معرفة حل نكاح بنات الأعمام والعمات ومن ذكر بقوله: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)، إذ ذكر المحرمات في الآية على إبلاع: ما كان بنسب، وما كان بسبب، ثم قال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ)؛ فيكون ما وراء المذكورات محللات بظاهر الآية، إلا ما كان في معنى المذكورات في الحرمة، واللَّه أعلم.

وقوله: (اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ).

لم يفهم أحد من قوله: (هَاجَرْنَ مَعَكَ): الهجرة معه حتى لا يتقدمن ولا يتأخرن؛ بل دخل في قوله: (مَعَكَ) من هاجر منهن من قبل ومن بعد، واللَّه أعلم.

وقوله: (مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: ما فرضنا على الناس، (فِي أَزْوَاجِهِمْ)، وهن أربع نسوة لا تحل الزيادة على الأربع، (وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ)، وهي الجواري والخدم يجوز الزيادة على ذلك وإِن كثرن.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان مما فرض اللَّه ألا يتزوج الرجل إلا بولي ومهر وشهود، إلا النبي خاصة؛ فإنه يجوز له أن تهب المرأة نفسها بغير مهر وبغير ولي، واللَّه أعلم.

وقوله: (قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ)، (فَرَضْنَا): أي بينا ما يجوز وما لا

<<  <  ج: ص:  >  >>