للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نزل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) قمت إليه، فقلت: يا رسول اللَّه، السلام قد عرفناه؛ فكيف الصلاة عليك يا رسول اللَّه؟ قال: " قل: اللهم صل على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على مُحَمَّد، وعلى آل مُحَمَّد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ".

ففي الآية الأمر للمؤمنين أن يصلوا على النبي، ثم لما سئل هو عن كيفية الصلاة عليه وماهيتها؟ قال لهم: أن تقولوا: " اللهم صل على مُحَمَّد "، وهو سؤال أن يتولى الرب الصلاة عليه.

وفي ظاهر الآية: هم المأمورون بتولي الصلاة بأنفسهم عليه، لكنه - صلوات الله عليه - لما أمروا بالصلاة عليه، وهي الغاية من الثناء، لم ير في وسعهم وطاقتهم القيام بغاية ما أمروا به من الثناء عليه - أمرهم أن يكلوا ذلك إلى اللَّه ويفوضوا إليه، وأن يسألوه ليتولى ذلك هو دونهم؛ لما لم ير في وسعهم القيام بغاية الثناء عليه، وإلا ليس في ظاهر الآية سؤال الرب أن يصلي هو عليه؛ ولكن فيها الأمر: أن صلوا أنتم عليه، والله أعلم.

وقوله: " كما صليت وباركت على إبراهيم وآله ": تخصيص إبراهيم من بين غيره من الرسل يحتمل ما ذكره أهل التأويل: إنه ليس من أهل دين ومذهب إلا وهو يدعي ويزعم أنه على دينه ومذهبه، وأنه يتأسّى به؛ لذلك خضه بالصلاة عليه من بين غيره من الأنبياء وجائز أن يكون لا لهذا؛ ولكنه لمعنى كان فيه وفي ذريته، لا نعرفه نحن؛ فخصه بذلك من بين غيره، واللَّه أعلم.

وقوله: " وبارك على مُحَمَّد " البركة كأنها اسم كل خير يكون أبدًا على النماء والزيادة في كل وقت، وقد ذكرنا فيما تقدم ما قيل في صلاة اللَّه عليهم وصلاة الملائكة وصلاة المؤمنين.

وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: نزلت الآية في اليهود؛ حين قالوا: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ)، وهو (فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)، وفي النصارى؛ حين قالوا: (الْمَسِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>