للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مخادعة اللَّه؛ لعلمه أنه لا يخادع؛ ولكن كأنه قال: يعملون عمل من يخادع اللَّه، لا عمل من يعلم أنه لا يخادع؛ فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.

وقوله: (فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ): إنما كان سعيهم في الآيات في آيات الوحدانية أو آيات النعمة أو آيات الرسالة؛ ليسقطوا عن أنفسهم مؤنة ذلك، وقبولها، والعمل بها.

(أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ).

قَالَ الْقُتَبِيُّ: (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا): لم يرد فيما يرى أهل النظر - والله أعلم - أنهم يجازون عن الواحد بواحد مثله ولا اثنين، وكيف يكون هذا واللَّه يقول: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)، و (خَيْرٌ مِنْهَا)؟! ولكنه أراد: (لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ): إنما هو مثله يضم إلى مثل إلى ما بلغ، وكأن الضعف: الزيادة، أي: لهم جزاء الزيادة، ويجوز أن يجعل الضعف في معنى جميع، أي: جزاء الأضعاف، ونحوه: (فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا) أي: جَعَلْتَ مثله. وخبط مضاعف، أي: قد ضم إليه خبط آخر قد قتلا.

قال: (زُلفَى) هي الدنوّ، يقال: تزلفت إليه ومنه، أزلفته: أدنيته.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: أي: قربة ومنزلة عندنا، وهما واحد، واللَّه أعلم.

وقوله: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى) هو ذكر الأموال والأولاد، ثم ذكر (التي) بالتأنيث؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هذا من مقاديم الكلام؛ كأنه قال: وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ولا أولادكم، ولولا ذلك لغلب فعل الآدميين، فعل الأموال.

قال أبو معاذ: يجوز أن تجمع الأموال والأولاد، ثم تقول: " التي "؛ لأنك تقول: ذهبت الأموال وهلكت الأولاد؛ كقوله: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا)، و (قَالَتْ رُسُلُهُمْ)، ونحوه كثير من القرآن؛ فعلى ذلك عند الجمع.

وقوله: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>