للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهلاك العقل والذهن، كقوله: (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) قيل: مغشيًّا.

وفيه هلاك الذهن والعقل؛ وكذلك قوله: (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) أَي غشي. واللَّه أعلم.

وقيل: الصعقة: صياح شديد.

وقوله: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).

قيل فيه بوجهين:

قيل: تعلمون أَن الصاعقة قد أَخذتهم وأَهلكتهم بقولهم الذي قالوا؛ فكونوا أَنتم على حذر من ذلك القول.

وقيل: (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) الخطابُ لأُولئك الذين أَخذتهم الصاعقة - أَي: تنظرون إلى الصاعقة وقت أَخذتها لكم، أَي: لم تأْخذكم فجأَة، ولا بغتة، ولكن عيانًا جهارًا، واللَّه أعلم.

وقوله: (ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ... (٥٧)

يذكرهم - عَزَّ وَجَلَّ - عظيم مِنَّته عليهم، وجزيل عطائه لهم؛ ببعثهم بعد الموت، وتظليل الغمام عليهم، وإنزال المن والسلوى من السماءِ لهم، وذلك مما خصوا به دون غيرهم.

ثم ما كان لنا من الموعود في الجنة، فكان ذلك لهم في الدنيا معاينة، من نحو البعث بعد الموت ومن الظل الممدود، والطير المشوي، والثياب التي كانت لا تبلى عليهم ولا تتوسخ؛ فذلك كله مما وعد لنا في الجنة، وكان لهم في الدنيا معاينة يعاينون.

مع ما كان لهم هذا لم يجيبوا إلى ما دعوا، ولا ثبتوا على ما عاهدوا، وذلك لقلة عقولهم، وغلظ أَفهامهم، ونشوئهم على أَخلاق البهائم والدواب، واللَّه أعلم.

وقوله: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ).

يحتمل وجهين:

يحتمل: ما لم يكل لهم الفضل على حاجتهم، فأَباح لهم القدر الذي لهم إليه حاجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>