للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صنيعهم كما ندم أُولَئِكَ، واللَّه أعلم.

ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ) وهو في الأصل (ولاه)، فإذا وصل بـ (حين) صارت (ولات) كأنه يمين، أي: واللَّه، وهو قول الكسائي.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو (ولا) وليس هنالك تاء وإنما التاء في (حين)، أي: (تحين)، وربما يزاد التاء في (حين) و (لا).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ولات) بالتاء، وقد قرئ بالتاء والوقف عليها.

وقوله: (حِينَ مَنَاصٍ) ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول: " ليس بحين تزور ولا فرار ".

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ليس بحين مغاث.

وقيل: ليس بحين جزع، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: [(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ (٤)]

يحتمل هذا وجهين:

أحدهما: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أي: من بشر مثلهم؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ)، وقولهم: (أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا)، كانوا ينكرون الرسالة في البشر ويقولون: (لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ).

والثاني: [(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ)] أي: من دونهم في أمر الدنيا، لما رأوا أنفسهم قد فضلوا في أمر الدنيا دونه، فقالوا: (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا)، وقالوا: (لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)، لم يروا من دونهم في أمر الدنيا أهلًا لذلك على ما ذكر، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ).

دل هذا القول منهم: أنه قد كان من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه معجزة أتى بها حتى قالوا: (سَاحِرٌ كَذَّابٌ)، علموا أنه رسول اللَّه، لكنهم عاندوا وأرادوا بقولهم: (سَاحِرٌ كَذَّابٌ) وأن [يغروا] أتباعهم عليه، كما [أغرى] فرعون قومه على موسى - عليه السلام - حيث قال: (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ)، وهو - عليه السلام - لم يرد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>