للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيادة سبب الوسيلة معه.

والثاني: أن ينذر هَؤُلَاءِ ومن ذكر شفاهًا، ولمن بعد منهم خبرًا.

أو خصّ هَؤُلَاءِ بحق البداية ثم بالأقرب فالأقرب، وعلى ذلك يخرج قوله - تعالى -: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، على الوجوه التي ذكرنا.

وقوله - سبحانه وتعالى -: (وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)، أي: ما لهم من وليّ يشفع، ولا من نصير ينصرهم، ويمنعهم من عذاب اللَّه.

وقوله: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ... (٩) أي: أربابًا، (فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ)، أي: هو الربّ، (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى) وقد عرفوا أنَّ الإحياء إنما يكون باللَّه - تعالى - لا بالأصنام التي عبدوها، وإن كانوا ينكرون البعث والإحياء بعد الموت، فلو عرفوا أنه لو كان إنما يكون باللَّه - تعالى - لا بالأصنام التي عبدوا دونه، (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ظاهر، قد تقدم ذكره.

وقوله: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) يحتمل قوله: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ) وجوهًا:

أحدها: في القرآن.

والثاني: في رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه رسول أو ليس برسول، فقد أقام من الدلائل والبراهين ما يدل على رسالته ونبوته: سمعيات وعقليات، ما لا يتعرض لردّها إلا من كابر عقله وعاند لبّه، وكذلك لو كان اختلافهم في الدِّين فقد أقام ما يعلم كل ذي عقل ولب: أنه هو الصواب، وأن غيره من الأديان ليس بحق.

وقال بعض أهل التأويل في قوله: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) أي: إلى كتاب اللَّه، كقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، أي: إلى كتاب اللَّه.

لكن هذا لا يصح، فإن قوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، إنما هو في المؤمنين إذا وقع بينهم الاختلاف في شيء من الأحكام يردّ ذلك إلى كتاب اللَّه، وإلى سنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

وأمّا قوله - تعالى -: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) إنما هو في محاجة الكفرة، فهو في غير ذلك المعنى؛ إذ هم لا يعتقدون كونه حجة، وإنما يرجع إلى دليل آخر عقلي.

وقوله: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي)، أي: ذلك الذي يفعل هذا هو ربي (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ)، في كل أمري، (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) بالطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>