للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما إذا تركوا دين الإسلام وتمسكوا باليهودية واختاروها فليس بأفضل، ولا شيء دونها.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إن قريشًا قالوا: كيف نعبد من لم نره؟ ولم نعاينه إنه مم هو؟ وكيف هو؟ أو كلام نحوه فنزلت: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ) عند ربهم؛ لأن التوحيد ومعرفة اللَّه تعالى إنما يكون بالدلائل والآيات في الدنيا عن غيب، ليس بالمعاينة والمشاهدة؛ فيزول الامتحان.

ثم احتمل أن يكون نزول الآية لقول كان من أُولَئِكَ على ما ذكر أهل التأويل.

ويحتمل أن يكون على غير ذلك، ومعناه: والذين يحاجون في اللَّه في دفع آيات الله وردها.

ويحتمل: أي: في دفع توحيد اللَّه وألوهيته (مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ) أي: من بعد ما استجيب له بحق الخلقة: أنه واحد، وأنه رب كل شيء.

ويحتمل قوله: (مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ) بما في كتبهم من الإيمان بها وبما فيها من نعوت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وصفاته.

ثم أخبر أن (حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) هذا يخرج على هذين.

يحتمل: أي: (حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ) يوم القيامة؛ أي: باطلة غير مقبولة.

ويحتمل: أي: (حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ) في الدنيا بما أقام اللَّه - تعالى - من حجج التوحيد؛ فأبطل حججهم.

وقوله: (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ) بيان الجزاء لهم في الآخرة.

* * *

قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (٢٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣)

وقوله: (اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ) يحتمل قوله: (بِالْحَقِّ): الذي لله عليهم، أو (بِالْحَقِّ) الذي لبعضهم على بعض، و (وَالْمِيزَانَ): بالعدل فيما بينهم؛ أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>